فصل -6 -

17 0 00

بينما الحاكم مشغول بما يجري، تدخل الفتاة الجميلة ايزادورا متألقة بردائها الإرجواني ذوالتصميم الإغريقي، فتبدو كزهرة الفل البيضاء تضمها باقة من زهور البنفسج، ينشرح قلب الأب لرؤيتها ويفتح زراعيه لاستقبالها، مرحى يا حبيبة الفؤاد، يا هبة ايزيس العظيمة، حينما تقبلين تقبل الدنيا كلها، وتنزاح عن قلبي الهموم والمتاعب، أنت روضتي الظليلة أستجير بها من هجير الحياة، حينما تشرقين تغرب شجوني المقلقة، أنت ربيع الزمان البهيج، حينما يأتي يمحو كآبة الخريف.

تقاطعه ايزادورا في تدلل وتلتقط خيط الحديث، ها أنت يا أبي من ذكر الربيع أولا، والآن جاء فصل الربيع وحان موعد الاحتفال بعيد الطبيعة وتجدد الحياة، وكل صديقاتي مستعدات للتمتع بالطبيعة الخضراء والتنزه في الحدائق وركوب القوارب النهرية، وأنا أريد الذهاب معهن.

ـ يا ابنتي إني أخاف أن يصيبك مكروه، فأنت ابنتي الوحيدة، وليس لي غيرك، كما اخشي عليك من الإجهاد والتعب.

ـ أرجوك يا أبي اسمح لي أن أخرج مع صديقاتي، أنا لا أحب القيود، دعني استمتع بالحياة والطبيعة الجميلة .

ـ وهل رضيت أمك وسمحت لك بذلك ؟

ـ حينما تسمح أنت سوف تقبل أمي فهي تقدر رأيك وأيضا لا تريد أن تغضبني، بل تتمني سعادتي. 

يمتثل الأب ويرضخ لرغبة ايزادورا، فتقبله وتخرج مسرعة متجهة إلى أمها لتعلمها بموافقة أبيها.

عارضت بلو تينا في البداية خوفا علي ابنتها، ولكن أمام إصرار ايزادورا وحرصا على إرضائها اضطرت للموافقة، ثم احتضنتها وقبلتها وأوصتها بالحذر عند ركوب القارب حتى لا تسقط في النهر، أو عند التجول في السوق حتى لا تتوه في الزحام، وعهدت إلى نفرت أن تساعد ايزادورا في ارتداء ملابسها وتزيينها وتمشيط شعرها وأن تصحبها في خروجها للتنزه  

والتمتع بمشاهدة احتفالات عيد الربيع، وأن تحرص على رعايتها، ولا تغفل عنها لحظة واحدة حتى تعود بها إلى القصر. أومأت الجارية بالطاعة وخرجت بصحبة ايزادورا بعد أن نفذت ما أوصتها به سيدتها.

لحقت ايزادورا بصديقاتها من بنات الأسر الراقية وبدأت الفتيات في اللعب والمرح والانطلاق، غير أن الفتاة المدللة ايزادورا كانت تميل إلى التحرر والتمرد على قيود الوصايا المفروضة عليها وكأنها لا تزال طفلة صغيرة لا تحسن التصرف.

هي تشعر أن بإمكانها أن تتصرف بمحض إرادتها كالكبار، فقد ضاقت ذرعا بخوف أبويها المبالغ فيه وحرصهما الشديد عليها الذي يزداد يوما بعد يوم دون مبرر، أنها تريد أن تحيا حياة طبيعية من غير حراسة أو رقابة، لذا صارت تتعمد مغافلة مربيتها نفرت وتنطلق بعيدا وتختفي عن أنظارها بين الأشجار أو تستقل قاربا و تبحر في النيل مع صديقاتها، وتظل نفرت خائفة مذعورة تبحث عنها خشية أن يصيبها سوء فتعاقب عقابا شديدا، وربما تدفع حياتها ثمنا لاتهامها بالإهمال والتقصير في حراستها، فكانت المسكينة تكاد تجن حتى ترجع أيزادورا وتعود بها إلى القصر.