فصل ـ 19 ـ

18 0 00

 أسرعت فى خطواتى . قفزت درجات السلم ، لأبلغ فيصل مصيلحى بالنبأ الذى نشرته الصحف : حسن البنا قتل فى أثناء خروجه من مبنى جمعية الشبان المسلمين .

اكتفى بالقول وهو يتطلع من الشرفة المطلة على شارع التتويج :

ـ أعرف ..

هل كان يتوقع ما حدث ؟

 قال :

ـ ما يحيرنى أن الأستاذ البنا أصدر بياناً هاجم فيه قاتل النقراشى ..

حدجنى بنظرة جانبية :

ـ لماذا دفعوه إذن إلى إصدار البيان ماداموا قرروا قتله ..

قلت :

ـ قتله الإخوان عندما وضعوا حقيبة المتفجرات فى مبنى محكمة الاستئناف ..

وهو يهز رأسه :

ـ أضعف إبراهيم عبد الهادى الإخوان المسلمين لصالح الوفد .

قلت :

ـ الحمد لله أنك أفلت من الاعتقال

 ـ أنا واحد من نصف مليون عضو فى الإخوان ..

وعلا حاجباه فى تساؤل مستغرب :

ـ من الصعب أن يقتلوا كل هذا العدد !

ثم بصوت خفيض :

ـ لا تنس أنى استقلت من الإخوان منذ مقتل النقراشى !

أذهلتنى البساطة التى تحدث بها عن استقالته ، كأنه لم يكن ذلك العضو الذى يطبع المنشورات ، ويحتفظ بها ، ويخفى ما يفعل .

كان يتابع حملات الاعتقال ، والمصادرات . تتبدل ملامحه بتوالى متابعتنا للأخبار . يحاول كتم ما يعانيه من خوف . يجرى بلسانه على شفتيه ـ بعفوية ـ كمن يتذوق العطش . يعلو صوته ليقضى ـ هذا ما أتصوره ـ على القلق فى داخله ..