فصل (20)

18 0 00

قال أنطوان :

ـ التقيت الأب يوحنا اليوم فى الكنيسة ..

لم يجب ..

أضاف أنطوان وهو يتفحصه :

ـ سألنى عنك ..

ظل صامتاً ..

عرف أن الأب يوحنا تدهورت صحته ، فلم يعد يغادر الكنيسة لزيارة أبنائها . لم يعد هو يتردد على الكنيسة للصلاة ، ولا للاعتراف ، ولا لحضور حفلات عقد القران ، أو القداس ، أو الصلاة فى الجنازات .

كان الأب قد رفع يده فى الهواء بعلامة الصليب :

ـ جعل المسيح رسله أساقفة ، والأساقفة أقاموا قسساً وشمامسة ..

ودارى قلقه بابتسامة فاترة :

ـ نحن نحيا لخدمة الجماعة المسيحية ..

ثم فى لهجة مثقلة بالحزن :

ـ دعه لا يفعل مثل الذين يصفهم الإنجيل بأنهم يحبون الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم شريرة .

داخلت صوته نبرة إشفاق :

ـ أنا الذى قمت بتعميده ، ويجب أن يظل فى مستوى حسن ظنى ..

قال جان :

ـ لم يسألنى أحد قبل التعميد إن كنت سأقبل التعميد أم لا..

قال الأب فى حزن ظاهر :

ـ يقول سانت نيبوليتس : " إنى أنكر خالق السماوات والأرض ، وأتنكر لتعميدى ، وأتنصل من عبادتى السابقة التى قدمتها للرب ، إننى أتعلق بك يا إبليس ، وبك أومن " .

وهو يظهر الحيرة :

ـ عندما عمدّت لم أكن أعرف معنى الحرام والحلال . لم أكن واعياً .

وانتزع ابتسامة باهتة :

ـ يجب أن يكون التعميد بعد البلوغ !

قال أنطوان :

ـ لاحظ أنك لم تعد تتردد على الكنيسة ..

رمقه بنظرة مستريبة :

ـ هل يخضعون زائرى الكنيسة للمراقبة ؟

وافتعل ابتسامة تهويناً للأمر :

ـ أنا أتردد على كنيسة أخرى ..

ـ هذه هى الكنيسة الوحيدة للكاثوليك فى الزيتون ..

صرخ :

ـ أنت تحاكمنى !

وأخلى وجهه لتمازج السخط والغضب :

ـ أنت تأمل فى جائزة لإيمانك ، وأنا لا يشغلنى جزاء عدم إيمانى .

ـ الإيمان ليس جائزة ، إنه ضرورة !

ـ أنا لم أعد أعتقد فى كل ما تعلمته . أظن أنى نسيته !

وتداخلت فى صوته بحة :

ـ أحب أن تصدر تصرفاتى عن إرادتى الحرة !

وأشار بيده ناحية الكنيسة :

ـ هذا الرجل الذى يكره نفسه ، هل هو من تعترف أمامه بخطاياك ؟!

وخنق التأثر صوته :

ـ ما أعرفه أن المسيحية دين .. وهذا الرجل جعل من المسيحية مهنة يتكسب منها !

ولوح بيده فى عصبية واضحة :

ـ الكنيسة مسئولة عن الدعوة لتعاليم الإنجيل ، لا شأن لها بحياة الناس الخاصة .

ثم بلهجة مهونة :

ـ لماذا لا نحيا حياتنا ، ونؤجل الاختلاف إلى ما بعد ذلك ؟

ـ ماذا تعنى ؟

ـ سنعرف بعد الموت إن كان هناك حساب أم أنه مجرد وهم !

تحركت يدا أنطوان بالحركة السريعة من الجبهة إلى جانبى الصدر :

ـ أنت تكفر !

واجهه بنظرة مستخفة :

ـ بالعكس .. أعرف أن الله هو الأب ..

وعلا صوته :

ـ أليس عذاب جهنم والنار الأبدية غريباً عن طبيعة الله ؟

وشاب لهجته عناد :

ـ هل يؤذى الأب أبناءه ؟

قال أنطوان :

ـ هل امتناعك عن دفع أجر الجناينى جزء من حالة الرفض التى تعيشها ؟

وهو يرفع كتفيه :

ـ أنا أساعد فى البيت بقدر ظروفى !