فصل (13)

18 0 00

أخذت منه الورقة ، وأعادت قراءتها :

" مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر .

بعد حمد الله والصلاة والسلام على خير رسله ، وأفضل خلقه ، محمد صلى الله عليه وسلم . تشهد مشيخة الأزهر أن السيد ............... والذى كان يعتنق قبل اليوم ، الديانة المسيحية ، ومذهبه فيها ........... قد حضر إلينا راغباً فى اعتناق الدين الإسلامى .. "

قالت :

ـ هل أملأ هذه الورقة ؟

ـ قبلها تقرأين الفاتحة وآيات من القرآن ، وتنطقين بالشهادتين .

ـ فقط ؟

ـ هل تتصورين شيئاً آخر ؟

نفضت رأسها بمعنى أنها لا تعرف .

عدل الشيخ عباءته على كتفيه ، ورنا إلى سيلفى بنظرة متسائلة :

ـ تريدين اعتناق الإسلام ؟

أومأت بعينيها ..

فاجأها الشيخ ، فاجأهما ، بمؤاخذة بعض طالبى التحول من المسيحية إلى الإسلام . يطلبونه لتيسير الزواج من مسلمين ، أو الطلاق من مسيحيين ..

حدجها بنظرة متوجسة :

ـ هل تحفظين القرآن ؟

هزت رأسها ..

ـ هل تحفظين القرآن ؟

عاودت هزت رأسها ..

ـ كله أو بعضه ؟

رنت إلى ماهر بنظرة استغاثة .

علمها الفاتحة ، وسوراً قصيرة من جزء عم ، وقلدته فى الوضوء وحركات الصلاة .

قال الشيخ ليحرك صمتها :

ـ هل أنت جادة فى اعتناق الإسلام ؟

ثم وهو يتفرس فى وجهها :

ـ هل تعتنقين الإسلام عن رضا ؟

ونقل نظرته إلى ماهر :

ـ المسلم الحق لا يكره أعزاءه على الإسلام .

ونقر على المكتب بطرف القلم فى يده :

ـ إذا كان قد اشترط لزواجكما أن تعتنقى الإسلام ، فهذا إكراه .

قال ماهر :

ـ لم يدفعها أحد .

ودون أن يتدبر كلماته :

ـ أنا لم أناقشها فى الدين أصلاً ..

استطرد موضحاً :

ـ لا تشغلنى ديانتها ، وما إذا كانت مسلمة أم مسيحية ..

وغالب انفعاله :

ـ يشغلنى أن أتزوجها بلا عقبات .

نحى الشيخ الأوراق جانباً :

ـ إذا اعتنقت الإسلام فلأنها تريد اعتناقه !

وهما يغادران دار الإفتاء ، تصاعدت الأسئلة فى نفسها ، وإن ظلت صامتة : هل يكفى الحب للتحول عن الدين الذى نشأنا عليه ونعرفه ، إلى دين آخر لا نعرف عنه ما يدعونا إلى اعتناقه ؟ وهل أحبته بالفعل ، أو أنه الشاب المصادفة فى طريق أزمتها ؟

قال :

ـ سنعود ، لتعلنى إسلامك .

ثم وهو يدارى ارتباكه بابتسامة فاترة :

ـ سيصبح من حقنا أن نتزوج على يد مأذون !

فاجأته بالقول :

ـ هل أتخلى عن الكاثوليكية بالفعل ؟ ..

حدق فيها ، كأنه يحاول قراءة عينيها :

ـ ماذا تقصدين ؟

ـ هل أسلم لأتزوجك !

يعجز عن التقاط حقيقة مشاعرها . ابتسامتها الدائمة ، المحايدة ، تخفى المعنى حين تتكلم معه ، أو تظل صامتة .

ـ أعرف أنه سيكون مثل إسلام نابليون وهتلر ..

أرجع ما قال إلى الانفعال الذى لا ينكره فى نفسه .

رفعت عينين متسائلتين :

ـ وما شأنى بهما ؟

ـ كان إسلامهما لهدف ..

وشحب صوته فبدا كالهمس :

ـ وإن لم يتحقق !