الفصل الرابع — "قهوة بالقرفة"

24 0 00

من وجهة نظر لمى

استيقظت في الموعد تمامًا. أول يوم لي في العمل، لا مجال لأي تأخير.

اخترت قميصًا بلون العاج وبنطالًا أسود، وانتعلت حذاء بكعب متوسط. وضعت القليل من المكياج، وتركت شعري البني منسدلًا بأناقة، وثبّته بدبوس بسيط من الخلف.

— جاهزة، لمى؟

جاء صوت نتاشا من خارج الغرفة.

— نعم، قادمة!

خرجت إليها، وكانت في غاية الأناقة بتنورة قلمية سوداء وقميص زهري هادئ.

كارتِر محظوظ فعلًا.

— لننطلق! قلتُ بحماس.

— لحظة، تذوّقي فطورك أولًا. كارتر حضّره قبل أن يخرج.

— آه، هذا لطيف منه. وأنا فعلاً جائعة.

خلال عشر دقائق، كنّا في سيارتها في طريقنا إلى شركة ويلسون.

— بالمناسبة... السيد كريم طلب قهوته أمس. كيف يحبها؟

— يطلبها من الكافيتيريا نفسها. يحبها قوية، فحاولي تحضيرها باستخدام جرعتين من الإسبريسو، ثم الحليب والماء. ولا تنسي، من دون سكر أو قليل جدًا.

— تمام.

— لا تقلقي، كريم قاسٍ ومزاجي أحيانًا، لكنك شغوفة وجادة. ستنجحين.

— نأمل ذلك. قلتُ وابتسمت.

..............................................

بعد وصولنا، أرشدتني نتاشا إلى المكتب الذي اعتادت مساعداته السابقات استخدامه. وضعت حقيبتي، وبدأت بتنظيم الطاولة أمام مكتبه. رتّبت الملفات على الجانب، ملأت كأس الماء، وضعت الصحف الاقتصادية كما أخبرتني نتاشا أنه يفضل قراءتها صباحًا.

بقي 15 دقيقة على وصوله، فقررت تحضير القهوة.

دخلت إلى الكافيتيريا، وبدأت بتحضيرها:

كوب من الإسبريسو المزدوج، بعض الحليب، رشّة ماء... وبدون تفكير، أضفت رشة صغيرة من القرفة.

كانت أمي تفعل ذلك. كنت أحب تلك النكهة، هادئة، دافئة... مطمئنة.

عدتُ إلى مكتبه، وضعت الكوب فوق الطاولة، وجلست للحظات أقرأ عنوانًا في إحدى الصحف... حتى قاطعني صوته الجاف:

— مبكّرة، أليس كذلك يا آنسة منصور؟

التفتُّ بسرعة، واضعة يدي على صدري:

— يا إلهي! أفزعتني!

— لم أكن أنوي. قالها ببرود وهو يقترب.

كان وسيماً كالعادة... بل أكثر. يرتدي بدلة زرقاء وقميصًا أزرق فاتح. كيف يمكن لأحد أن يبدو بهذا الاتزان؟

— صباح الخير، أستاذ كريم.

— صباح النور.

نظر إلى الطاولة المرتّبة، وابتسم بشكل خفيف:

— أفترض أنكِ استفسرتِ من نتاشا عن التفاصيل.

— نعم، وهذه قهوتك... والصحف المفضلة لديك.

تناول الكوب، رشفة واحدة، ثم تغيّرت ملامحه.

أوه لا! لمى، ما الذي فعلته؟! أول يوم، وتعبثين بوصفته اليومية؟!

— من حضّر هذه القهوة؟

— عفواً؟

— سمعتِ السؤال جيدًا، لمى.

— أنا... أنا من حضّرها.

— هناك نكهة مختلفة فيها.

— أجل... أضفتُ قليلًا من مسحوق القرفة. كانت أمي تصنعها هكذا... كنت أحبها. لكني آسفة... لم أقصد تغيير روتينك اليومي. سأذهب الآن لأعدّ كوبًا آخر.

استدرت بسرعة، لكن صوته أوقفني:

— لمى!

التفتُّ نحوه:

— أعجبتني.

ابتسم ابتسامة خفيفة، نادرة.

— في الواقع... أريدك أن تعديها لي هكذا كل يوم.

تنفّستُ بارتياح:

— شكرًا لك...

— والآن، ما المطلوب مني اليوم؟

سألته بنبرة رسمية.

— اليوم لديكِ ثلاثة مهام:

أولًا: ادرسي الملفات المتعلقة بمنافسينا، ودائني الشركة ومدينيها. لا أطلب حفظها، لكن تذكري الأسماء الكبيرة.

ثانيًا: أرسلي باقة زهور صفراء للسيدة ماري بولت، وأرفقي معها رسالة تقول:

لا تحاولي التواصل معي مجددًا. عواقب ذلك لن تكون لطيفة.

ثالثًا: أنا الضيف الرئيسي في حفل تخرج جامعة NYU الأسبوع المقبل. راجعي خطابي، قسم العلاقات العامة أرسله لك عبر الإيميل.

قالها وكأنها أمرٌ واحد، دون فواصل أو نفس.

يا إلهي...

— تمام، أستاذ كريم.

وغادرتُ مكتبه فورًا...

يبدو أن اليوم لن يكون سهلاً... فلنبدأ.