الفصل الثالث عشر — "أريدك أن تبقى"

25 0 00

من وجهة نظر كريم

— لمى... لمى، اصحي.

لم تستجب. اكتفت بأن دسّت وجهها في صدري وهمست:

— خليني أنام... بليز.

ابتسمت رغمًا عني، ثم حملتها بين ذراعيّ كعروس ليلة زفافها، وتوجّهت بها إلى غرفة الضيوف.

وضعتُها بهدوء على السرير، خلعت حذاءها، أقراطها، وساعتها.

ثم جلستُ بجانبها أنظر إليها...

كم هي جميلة!

قوية، ذكية، عنيدة، و... هشّة جدًا من الداخل.

فجأة بدأت تبكي.

كانت تتمتم بكلمات وهي نائمة.

— لمى؟

اقتربتُ أكثر.

— لمى... كل شيء تمام؟

— ليش؟ ليش خانني؟ ليش خدعني؟

همست بصوت مخنوق.

— هو وصديقتي... أقرب وحدة إلي. ليه؟ ما كنت كفاية؟

فتحت عينيها، ورأتني.

كانت ما تزال شبه مخمورة.

— ما كنت كفاية يا كريم؟

— لمى... لا تبكي بسببهم، بليز.

أمسكت وجهها بين يديّ.

— أنتِ رائعة. أنتِ أكثر من كفاية. ذكية، جميلة، صبورة، قوية، كريمة، و... حقيقية.

— عنجد بتشوف هيك؟

— طبعًا. وبشوف كمان... إنك تستحقين العالم كله.

ابتسمتُ.

وأنا ناوي أعطيك إياه، لمى. كله.

— شكرًا... بجد.

همست وهي تغلق عينيها مجددًا.

كنت سأهمّ بالخروج، لكن يدها أمسكت معصمي.

— خلّيك...

قالتها كهمسة طفل يخشى الظلام.

بقيت.

استلقيتُ بجانبها.

وضعت رأسها على ذراعي، واحتضنتُها بهدوء.

وللمرة الأولى منذ زمن طويل... شعرتُ أني أنتمي.

.......................................

من وجهة نظر لمى

أوه... رأسي ينفجر!

ما هذا المكان؟ هذه ليست غرفتي. السرير مختلف، الستائر مختلفة.

استدرتُ...

يا إلهي!!!

كريم نائم بجانبي... ويده تلفّني!

لااااااا!!! شو صار؟

نظرت إلى ملابسي... لا تزال كما كانت. لا ألم. لا إشارات غريبة.

غالبًا ما صار شيء.

— كنتِ تفضّلين لو صار شي؟

قالها بصوته العميق فجأة، وكاد قلبي يتوقف!

— ليش دايمًا تفجعني؟ قول 'صباح الخير' زي الناس!

قلت وأنا أفرك صدغيّ.

— معلش... واضح إنك عندك صداع عالمي.

— صار شي بينا؟ قصدي... ليلة أمس؟

جلس بجانبي وقال بلطف:

— لا، ولا شي. وبفترض إنك بتعرفي إني مستحيل أستغل موقف زي هذا.

— أنا آسفة، ما قصدت هيك. بس أنا مش متذكرة شي!

— شفتك بالنادي. كنتِ سكرانة جدًا. قررت أوصلك، لكن لما وصلنا بيتك اكتشفنا إن مفاتيحك ضاعت. فجبناك لعندي.

— شكلي سبّبتلك مشاكل.

— بالعكس، حكيتِ من قلبك. وكان كلامك صادق وجميل.

صمتُّ للحظة، ثم همست:

— أنا آسفة... ما كان لازم أقول كل هالكلام، إنت مديري!

— كوني مديرك ما يعني ما يكون عندك حق تحسي. مش غلط تكوني إنسانة.

ابتسمتُ... بصدق.

— بالمناسبة، قلت لميسون يجيب لك طقمين من شغلك. بيكون هون خلال شوي. بتتجهزي، نروح عالشركة معًا إذا بتقدري.

— كريم، ما كان لازم! كنت بقدر أرجع بيتي.

— أنتِ متأكدة إنك قادرة؟

— طبعًا! اليوم في العرض التقديمي المهم مع العميل الإيطالي، ولازم أكون موجودة. وبعدين... مين بيضبط مودك الوحشي غيري؟

نهضت من السرير، وهو اتجه نحوي بخطى بطيئة.

— مودي الوحشي؟! يعني أنا وحش؟

— أكيد! دايمًا: 'لمى، طابعة، قهوة، اتصلي، احجزي، اختاري البدلة، إلخ إلخ...'

قلدته وأنا أضحك.

لم أنتبه إلا وهو قريب جدًا... أنفُه يلمس أنفي، ويده تلمس خدي، ويُبعد خصلة من شعري عن وجهي.

قلبي؟ يدق كأنه يهرب من قفصي الصدري.

نظرتُ في عينيه، فوجدته يُحدّق بي دون رمشة واحدة.

— أعتقد... أقدر أفرجيك مودي الوحشي هون، مش بالمكتب.

قالها وهمس أصبعه على شفتي السفلى.

كنتُ سأرد... لكن صوتين فجأة دويا من الطابق السفلي:

— في أحد بالبيت؟

— يا ساتر!

قال كريم وهو يبتعد بسرعة.

نظرت إليه باستغراب.

— هدول إخواتي... آسف.

ثم خرج من الغرفة.

وغريب جدًا... اشتقت لدفئه في اللحظة اللي خرج فيها.

غريبة يا لمى... جدًا.