من وجهة نظر لمى
وصلنا إلى مطار دبي الدولي، الساعة الآن 12:06 بعد منتصف الليل، ودرجة الحرارة تبلغ عشر درجات مئوية. يمكن استلام الحقائب من السير رقم 25. نشكر لكم السفر معنا.
هكذا أعلن طاقم الطائرة، فتنفّست الصعداء.
أخيرًا... وصلت.
أخذت حقيبتي بسرعة، وكنت متعبة جدًا لدرجة أنني، دون حتى تناول العشاء، رميت نفسي على السرير فور دخولي غرفة الفندق.
أرسلت رسالة قصيرة لأخي:
وصلت بالسلامة، لا تقلق.
ثم غرقت في نوم ثقيل، خالٍ من الأحلام.
من وجهة نظر كريم
— صباح الخير، أستاذ كريم!
قالها ستيفان، مدير الشؤون المالية، وهو يدخل إلى مكتبي الواسع.
— هل أنهيت التقرير المالي للربع الأخير؟
جلست خلف مكتبي الجلدي، أراجع جدول الأعمال.
— نـ.. نعم، أستاذ كريم...
— ما هي الإيرادات الصافية لفرعنا في جدة؟
— أعتقد أنني...
— هل الحملة التي أطلقناها لمجموعة الشتاء كانت مجدية؟ وما نسبة الأرباح الصافية مقارنة بالمصروفات؟
— سأقوم بـ...
— ومردود الإعلان مع العارضة العالمية؟ هل رفع من العائد لكل سهم؟ هل خدم سمعة الشركة؟
— أنا... سأتحقق...
— أنت مُقال، ستيفان!
قلتها بحدة لم أستطع كبتها.
— أرجوك، أستاذ كريم، أرجوك... لم أنتهِ من التقرير، سأُتمّه اليوم...
— الموعد النهائي كان البارحة. لم تُبلغني بنفسك، ولم تعترف بذلك إلا حين سألتك. وهذا ليس أول تقصير.
— أعدك، لن أكررها...
— انتهى الأمر، وقتي ثمين.
خرج ستيفان بخطوات مثقلة، وأنا ضغطت على زر الاتصال الداخلي:
— نتاشا، ماذا عن مقابلات المساعد الشخصي؟
— كل المرشحين تقريبًا وصلوا، والمقابلات تبدأ من التاسعة صباحًا. هل أبدأ بإدخالهم؟
— نعم، ابعثي الأول.
من وجهة نظر لمى
استيقظت على رنين المنبّه في السابعة صباحًا. لو تركت نفسي، كنت نمت للظهر.
لم آكل شيئًا البارحة، وحتى في الطائرة لم أتناول إلا بطاطا مقلية باهتة.
طلبت الإفطار فورًا: بيضتان أومليت، وكوب سموثي بالشوكولاتة.
ثم دخلت الحمّام... عطر الصابون وحده أعاد لي شيئًا من الحياة.
جلست أمام المرآة: لمسات خفيفة من كريم الأساس، ثم بعض الحمرة، كحل رقيق، وماسكارا، وختمت بإحمر شفاه خمري.
جاهزة!
ارتديت بذلتي، أمسكت بحقيبتي وسيرتي الذاتية، وعلّقت على باب الغرفة لافتة الرجاء التنظيف.
خرجت للشارع، كان عليّ فقط أن أجد سيارة أجرة.
في مدينة مثل دبي، الأمر لا يحتاج أكثر من دقيقة.
— صباح الخير آنسة، إلى أين؟
— صباح النور، إلى شركة ويلسون للأزياء.
— أكيد.
خلال عشرين دقيقة كنا هناك. دفعت الأجرة، ولما فتحت الباب قال السائق:
— حظًا سعيدًا بالمقابلة.
نظرت إليه بدهشة:
— كيف عرفت؟
— رأيت سيرتك الذاتية، وكنتِ تحركين قدمك بتوتر.
ضحكت:
— آه... صحيح. آسفة.
— لا داعي. مع السلامة...
— لمى.
— ماركو.
— شكرًا يا ماركو.
وقفت أمام البرج الشاهق، كان شعار ويلسون يتلألأ في الأعلى.
يا رب... ارزقني هذه الفرصة.
دخلت من الباب الزجاجي، وتوجهت إلى موظفة الاستقبال:
— صباح الخير، أنا هنا لمقابلة وظيفة المساعد الشخصي.
— مرحبًا! الاسم من فضلك؟
— لمى منصور.
— تفضلي، المصعد الثاني، الطابق العشرون. ستقابلك الآنسة نتاشا هناك.
— شكرًا لكِ.
— بالتوفيق!
كل خطوة باتجاه المصعد كانت تجعل قلبي ينبض بقوة.
ماذا لو لم أكن مناسبة؟ ماذا لو لم تعجبهم شخصيتي؟
وصلت إلى الطابق المحدد، وكان المكان يعجّ بفتيات أنيقات، بانتظار دورهن.
اقتربت من سيدة بدت كموظفة هناك:
— مرحبًا، أنا هنا للمقابلة.
— أهلًا بكِ. أنا نتاشا. سأقوم بمناداة الأسماء حسب الدور. تفضلي بالجلوس.
تردّدت قليلًا، ثم سألتها:
— من سيجري المقابلة؟
— المدير التنفيذي شخصيًا.
— آه...
مضت خمس عشرة دقيقة تقريبًا، قبل أن تناديني:
— لمى منصور!
— نعم؟
— تفضلي، دورك الآن.
يا رب...
همست لنفسي وأنا أعدّل وقوفي، وتقدّمت نحو الباب... نحو بداية جديدة.