من وجهة نظر لمى
ماذا أرتدي؟
أعني... هو مجرد عشاء. لا موعد، لا قلوب تطير، فقط عشاء بسيط مع مديري.
لكن... أليس كريم الهاشمي؟
دخلت إلى الحمّام لأخذ حمّام ساخن طويل، وضعت الشامبو والبلسم، وقضيت وقتًا إضافيًا أعتني بشعري. بعد أن جففته، ارتديت فستانًا أسود يصل إلى الركبة، مع شق جانبي أنيق. نسّقته مع حذاء بكعب بلون الجلد، وحقيبة صغيرة من شانيل.
لم أُكثر من الإكسسوارات، فقط قلادة ذهبية ناعمة. تركت شعري مموجًا بحرية، وأضفت لمسات بسيطة من المكياج...
كنت جاهزة.
لكن قلبي؟ لم يكن كذلك.
لا أعلم لمَ أشعر بالتوتر؟ أراه كل يوم، أعمل معه لساعات.
لكن الليلة... خارج المكتب... تختلف القواعد. تختلف المسافة.
رنّ جرس الباب.
توجهت بسرعة، وفتحت... فوجدته.
كريم.
أنيق، ببنطال جينز أزرق، قميص أبيض، وسترة بلون النيلي، وحذاء بني فاخر.
بدا... مذهلًا.
— مرحبًا! قالها بابتسامة.
— أهلاً... تفضل.
قلت وأنا أحاول إخفاء الارتباك.
دخل إلى شقتي. تجوّل بنظره في أرجائها، وكأنه يحفظ كل زاوية منها.
— شقتك جميلة.
— ليست بشيء مقارنةً بقصرك.
ضحكت.
— في الحقيقة، أحب هذا المكان. دافئ، بسيط... يشبه البيت حقًا. القصور... باردة.
أدهشني. لم أتوقع منه هذا العمق.
— دعني آخذ حقيبتي، ثم ننطلق.
— بالمناسبة، لمى... تبدين فاتنة الليلة.
كان قريبًا جدًا...
صوته الخافت، ونظرته، جعلتني أشعر بحرارةٍ مفاجئة في وجهي.
— شكرًا كريم. وأنت... لا تبدو سيئًا أيضًا.
أردت أن أقول: تبدو كإله يوناني! لكني تراجعت في اللحظة الأخيرة.
.............................................
من وجهة نظر كريم
لمى بدت كأنها خرجت من لوحة فنية.
الفستان الأسود، الشعر المنسدل، تلك الابتسامة الخجولة...
يا إلهي، كم رغبت أن أقبّلها حين رأيتها.
لكن... تمالكت نفسي.
جلسنا في مطعم راقٍ وسط المدينة.
طلبنا العشاء، وكانت لمى تتجنب النظر إليّ. ابتسامتها متوترة، فأردت كسر الصمت.
— لمى.
— نعم؟
— هل تشعرين بعدم الراحة؟
— لا، ليس هكذا... فقط، هذه أول مرة نلتقي فيها خارج العمل. أعتقد أنني مرتبكة بعض الشيء.
— أحب صراحتك. لكن لا توتري، لسنا في مقابلة. نحن فقط... صديقان يتحدثان.
وضعت يدي فوق يدها.
نظرت إليها، وابتسمت بخجل.
— إذًا، أخبرني عنك، أستاذ كريم.
قالتها وهي تبتسم بمكر.
— هذا هو الوجه الحقيقي للمى التي أعرفها!
ضحكتُ وبدأت الحديث:
— أنا الرئيس التنفيذي لشركة ويلسون. والدي، إنريكي، أسّس الشركة، وأنا استلمت إدارتها قبل ثلاث سنوات. لدي أخ وأخت، سيباستيان وإيميليا، ما زالا في الجامعة والمدرسة الثانوية.
لاحظت لمعة في عينيها، كأنها على وشك البكاء.
— هل قلت شيئًا أزعجك؟
— لا، فقط... اشتقت لوالديّ. توفيا في حادث سيارة عندما كنت في الخامسة عشرة، وسامي كان في الثامنة عشرة. ومنذ ذلك الحين، نحن فقط.
— أنا آسف جدًا.
أمسكت بيدها.
— لا بأس... دعنا نعد للحديث عنك. ما اسم حبيبتك؟
قالتها بنبرة مازحة.
— خدعة ذكية! لكنني... أعزب تمامًا.
— أرجوك لا تقل إنك من النوع الغني الذي لا يؤمن بالحب ويمارس علاقات عابرة فقط!
— لمى! أنا أؤمن بالحب جدًا. أعتقد أنه الشيء الوحيد الذي يبقينا بشرًا.
— إذًا لم لا تكون بعلاقة؟ أنت وسيم، ناجح، غني... تستطيع أن تجعل أي فتاة تقع لك.
— أوه، إذًا تعتقدين أنني وسيم؟
— هل سمعتَ سوى هذه الجملة؟
— لم أجد الفتاة المناسبة بعد. هذا كل شيء.
— أتمنى أن تجدها قريبًا.
— والآن، دورك...
تحدثَت عن حياتها في كاليفورنيا، عن شقيقها سامي، وعن تجربة الخيانة التي مرت بها.
— لقد خدعني صديقي السابق مع أقرب صديقاتي.
— هذا مؤلم جدًا...
— لا أشعر بالغضب... بل بالخذلان. لم أعد أعرف من أستطيع أن أثق به.
— سيأتي يوم، ويجدك رجل حقيقي، يحترمك، ويهدم تلك الجدران التي بنيتها حول قلبك.
— أتمنى ذلك. أما الآن، فأنا أركّز على عملي. وأنت؟ ألا تملك أصدقاء مقربين؟
— لديّ مجموعة من الحمقى... ثيو، سكوت، وبيتر.
— لم أرهم يومًا في الشركة!
— نادرًا ما نجتمع في المكاتب. نلتقي في النوادي، أو في عطلات العمل. كلهم رجال أعمال أيضًا.
...............................................
من وجهة نظر لمى
لم أعلم كيف مرّ الوقت.
تحدثنا عن كل شيء تقريبًا. واكتشفت أن كريم يحب الكريكيت مثلي!
إنه شخص مختلف تمامًا خارج المكتب... أكثر دفئًا، أكثر إنسانية.
— الحساب من فضلك. قال للنادل.
فتحت حقيبتي تلقائيًا. لا أعلم من يجب أن يدفع... فهو ليس موعدًا، أليس كذلك؟
— عليّ أنا، لمى. ابتسم.
— حسنًا، إذًا دعنا نذهب لتناول المثلجات. هذه ستكون على حسابي.
— صفقة ممتازة.
قالها وهو يضحك.