الفصل الرابع عشر — "عائلة السيد المدير"

27 0 00

من وجهة نظر كريم

— شو جابكم لهون؟

قلتها وأنا أراقب أخي وأختي الأصغر سِنًّا واقفين بثقة وسط منزلي وكأنهم أصحابه.

— صباح الخير لك أولًا!

ردّت إيميليا بلهجة ساخرة.

— ليش تأخرت بالنزول؟

سأل سباستيان، مستنكرًا.

— كنت مشغول... تمتمت وأنا أبتعد نحو المطبخ.

وفجأة... ظهرت لمى.

كيف تجهزت بهذه السرعة؟!

— آه فهمت... مشغول بفتاة.

عقّبت إيميليا وهي ترفع حاجبها.

المشكلة معها أنها تكره فكرة العلاقات العابرة، رغم أني شرحت لها كثيرًا أنها لا تعني لي شيئًا.

لكن ملـسي —كما أحب أن أناديها— تظل مقتنعة أني قاسي القلب.

— مش مثل ما تفكرين.

قلت بجدية.

— طيب، مين الجميلة دي؟ سأل سباستيان وهو ينظر نحو لمى.

— أنا لمى.

قالت بثقة وابتسامة،

— مساعدة مديركم... شقيقكم.

— بس شو بتعملي هون قبل الدوام؟

سألت إيميليا بريبة.

قبل أن تنطق لمى بكلمة، قلت بنبرة حاسمة:

— صار معها موقف البارح وساعدتها. نامت هون، فقط.

هل عندكِ أسئلة أخرى يا آنسة إيميليا ويلسون؟

— نمت معها؟

سألت بلا تردد.

يا بنت! شو عم تعملي؟

— لاااا!

انفجرت،

— إيميليا، كفاية تهور!

— أنا آسفة، بجد آسفة، لمى. بس أخوي عنده سمعة سيئة.

قالتها ثم ابتسمت بخجل.

ضحكت لمى بخفة:

— عادي جدًا. بما إني بشتغل معه، أعرف كل شيء عن السمعة دي.

لمى... كيف بتعرفي تتعاملي مع كل الناس؟

حتى إيميليا —اللي عادة تكره أي فتاة أذكرها— صارت تصفق لها بـ هاي فايف وتقول:

— أنت رهيبة! رح نكون أصحاب أكيد!

أما سباستيان فقال:

— أنا سباستيان... بس ناديني سيب، الكل يناديني كده.

— سررت بلقائك، سيب.

ردّت لمى بلطف.

جلسوا كلهم، وأنا كنت ما أزال تحت وقع الصدمة من خفت دم لمى وقدرتها على دخول قلوبهم بسهولة.

— طيب يا حضرة المدير، جهز لنا فطور. متأخرين على الجامعة والمدرسة.

أمرتني إيميليا.

— أنا؟! نسيتوا إني حرقت المطبخ زمان وأنا أحاول أطبخ؟

— تخيل! مدير شركة ضخمة وما بيعرف يسلق بيضة.

سخر سيب.

كنت على وشك رمي وسادة عليهم لما سمعت صوت لمى من خلفي:

— إذا ما في مانع، ممكن أنا أطبخ لكم.

قالتها بابتسامة ناعمة.

— عنجد بتعرفي تطبخي؟!

عيون إيميليا اتسعت بالأمل.

— أشياء بسيطة تعلمتها من أمي، بس أتمنى تعجبكم.

ردّت بثقة.

— لااا لمى، مش لازم. خلّيهم يعانوا شوي.

قلت مداعبًا.

— كريم، خليني أعتبره رد جميل على اللي صار البارح. وبعدين، أمي كانت تقول إن الفطور أهم وجبة.

قالتها بثبات.

— ما رح أعتبره رد جميل، بس أوكي... أطبخي.

تمتمت مستسلمًا.

..................................................

من وجهة نظر لمى

— الفطور جاهز يا جماعة!

صرختُ من المطبخ وأنا أرتب الأطباق.

واو... صوتي طلع يشبه صوت الأمهات.

سمعتهم كلهم يردّون:

— جاااايين!

خلال تحضيري، كان كريم يغيّر ملابسه، ويقضي وقتًا خفيفًا مع إخوته.

لفت نظري كيف كان واضحًا أنه يفتقد قضاء الوقت معهم.

من الآن، سأحاول أن أساعده في تخصيص يوم واحد على الأقل لأهله.

لما جلسوا على الطاولة، سباستيان سأل: — شو محضرلنا اليوم؟

— حضّرت بوريتو، بيض، وشرائح لحم، ومعهم سموذي فراولة.

وضعت الأطباق بابتسامة.

— ياللهووو! شكله رهيب.

صرخت إيميليا.

كريم تذوّق أول لقمة، ثم قال وهو يرفع حاجبيه:

— ليش مش طباختي؟ هذا البوريتو أسطوري، ممكن آكل مية منه.

احمرّ وجهي، لكن ضحكت: — شكرًا كتير، عنجد ارتحت إنكم حبيتوه.

الإفطار كان ممتعًا، إيميليا ما سكتت ثانية. أما سيب، فكان لطيف جدًا، وشكرني أكثر من مرة.

وبعد الأكل، صارت إيميليا تحاول تقنع كريم بشيء:

— لمى، احكي مع أخوي، عم يبالغ.

— كريم، مجرد موعد عادي.

قلت وأنا أبتسم.

— هي عمرها 17!

— وأنا طلعت بأول موعد وأنا 15.

ردّت إيميليا.

— طيب... عشاء فقط. ما تروحي على بيته، ولا يجي لعندنا.

— أوووف، ماشي.

ردّت، متمردة.

بعد لحظات، سيب حمل حقيبته وقال:

— يلا نمشي، متأخرين. شكرًا كتير على الفطور يا لمى.

— العفو، سعيد إني عرفتكم.

قلت وأنا أودّعهم.

— رح أزورك في الشركة، لازم أزعج أخوي شوي.

قالت إيميليا وعانقتني.

— مع كل النكد اللي بتقولي عني، لساتني أخوك. ما رح تحضنيني؟

قال كريم.

— رغم إنك بتزعجني... بس حضنك بيطمن.

ردّت وهي تضحك وتعانقه.

.......................................

من وجهة نظر كريم

لمى كانت تراقبنا بابتسامة دافئة.

ملامحها تقول إنها افتقدت لحضن عائلتها، لأخوها بالتحديد.

لازم أعطيها إجازة لتروح تزوره.

بعد ما غادروا، التفتت إليّ:

— لا تقول شكراً. أعتقد سمعت الكلمة دي بما يكفي لعُمر كامل.

— لمى... إنتِ فعلًا مختلفة.

قلت وأنا أحكّ جبيني.

— يلا نمشي، تأخّرنا.

قالتها وهي ترتب أوراقها.

هززت رأسي وابتسمت،

ثم خرجنا... نحو يوم جديد.