الفصل الثامن — "مشهد على الطاولة... ومشهد آخر بين القلوب"

25 0 00

من وجهة نظر لمى

— أحضري لي ملف مجموعة الصيف لفرع شيكاغو، واحجزي طاولة غداء لأربعة في فندق حياة ريجنسي. لدي اجتماع مع السيد هنري، وستكونين ضمن الوفد. أيضًا، بلّغي السيد لويس أنني أريده في مكتبي الساعة الرابعة لمراجعة هيكل مبيعات خط البناطيل الجديد.

قالها كريم دون أن يرفع عينيه عن شاشة اللابتوب.

التقطت أنفاسي: — تمام. شيء آخر، أستاذ كـ... أقصد، كريم؟

رفع بصره ونظر إليّ مباشرة:

— قلت لكِ لا تناديني أستاذ كريم.

— آسفة... لم أعتد بعد.

— تعودي يا لمى.

قالها وهو يبتسم بخبث.

— وإلا؟

— أطردك. قالها بلا مبالاة.

— أنت لا تستطيع... ولن تفعل.

تحدّيته وأنا أرفع حاجبي بثقة.

— لمى! نطق اسمي كتحذير.

ثم أكمل بابتسامة صغيرة: — سأظل أناديك لمى. يعجبني ذلك.

يا إلهي، هل قلت هذا بصوت مرتفع؟

— وما زلتِ تقولينه بصوت مرتفع!

— حسنًا، سأنجز المهام.

قلتها وأنا أغادر المكتب بسرعة.

............................................

وصلنا إلى فندق حياة، استعدادًا للغداء الرسمي.

خمس نجوم، بديكور ساحر. بالطبع، كريم لا يرضى بأقل من ذلك.

أصبح يناديني بـ لمى علنًا الآن. شعور غريب... لكنه لم يعد مزعجًا.

— وصلنا، أستاذ كريم.

قال السائق مازن وهو يفتح لنا الباب.

لم يكن هناك داعٍ لفتح الباب لي، لكن... أعجبتني اللفتة.

دخلنا إلى الصالة، استقبلنا المدير بحرارة، وجلسنا جنبًا إلى جنب، تاركين المقاعد المقابلة للسيد لويس وسكرتيرته.

— تحدثي فقط عند الضرورة.

قالها كريم وهو يتصفح قائمة الطعام.

— ولماذا؟

— الرجل... تاريخه الشخصي مليء بالحكايات القذرة.

— إذًا لمَ تتعامل معه؟

— لأنه ناجح في عمله. ببساطة.

أومأت برأسي، ولم أناقش أكثر.

بعد لحظات، وصل السيد لويس، رجل في منتصف الخمسينيات، ذو لحية بيضاء كثيفة. أما سكرتيرته... فكانت ترتدي ملابس لا تليق بمناسبة رسمية إطلاقًا.

— مساء الخير، كريم.

قالها بابتسامة خبيثة.

— مساء النور، سيد لويس.

ثم نظر إليّ، وقال بنبرة مريبة: — ومن تكون هذه الجميلة؟

— مساعدتي الشخصية، لمى منصور.

أجابه كريم بسرعة، وصوته أكثر حدة من المعتاد.

مدّ يده للمصافحة. لم أكن أرغب، لكنني لم أشأ أن أبدو وقحة.

صافحته بأسرع ما يمكن. كان ضغطه قويًا ومزعجًا.

كريم سعل بصوتٍ مفتعل، ليلفت انتباهه، ثم قال بوضوح: — دعونا نبدأ العمل.

....................................................

من وجهة نظر كريم

ساعتان من النقاشات والتحليل، وانتهى الاجتماع بنتيجة إيجابية:

وافق لويس على تزويدنا بالمواد الخام بأسعار أقل من منافسينا.

لاحظت توتر لمى طوال الوقت. كانت ترد على أسئلته بنبرة باردة.

من الواضح أنها لا تحتمل وجوده... وأنا كذلك.

خرجت لإجراء مكالمة من والدتي، وحين عدت—

وجدت لويس يتحدث مع لمى بصوت منخفض، لكن كلماته كانت واضحة:

عرضٌ للعمل معه كسكرتيرة... عرض لا علاقة له بالعمل، أعرف هذا النوع من الرجال.

— لمى!

ناديتها بابتسامة هادئة، ووضعت يدي حول خصرها، أقربتها مني.

— انتهى الاجتماع، حان وقت الانصراف.

نظرت إليّ بامتنان خفي.

— تمام، كريم.

ابتسمت وهي تتمسك بي.

انسحب لويس بخيبة واضحة. جيد.

همست في أذنها: — بدوتِ بحاجة إلى مساعدة.

— كنت كذلك... شكرًا.

قالتها وهي تنظر إليّ. كنا قريبين جدًا... جدًا.

يدها على كتفي، ويدي لا تزال حول خصرها.

العيون تتحدث، لا أحد ينوي كسر هذا الصمت الجميل.

حتى... رنّ هاتفها.

.............................................................

انسحبت لمى لتجيب، بينما اقتربت السكرتيرة منّي:

— مساء الخير، كريم... ماذا تفعل الليلة؟

قالتها بنبرة ماكرة.

— أنا ذاهب...

— ...في موعد معي.

صوت لمى جاء من الخلف، واثقًا.

تجمّدت.

نظرت إليها، كانت تبتسم لتلك السكرتيرة بثقة. وجه الأخيرة أصبح باهتًا. جميل جدًا.

— هل نذهب، كريم؟

سألتني لمى بلطف مصطنع.

— أكيد، لمى.

وضعتُ ذراعي حولها وغادرنا.

في الطريق:

— بدوتَ بحاجة إلى مساعدة.

قالتها بسخرية.

— كنت كذلك.

ضحكتُ... وربما شعرت بشيء غريب في داخلي.

.................................................

عدنا إلى الشركة، وكل منا انشغل بعمله.

بعد دقائق، ضغطت على زر الاتصال الداخلي:

— لمى، تعالي إلى مكتبي.

دخلت تحمل دفتر الملاحظات.

— ما هو مطعمك المفضل في المدينة؟

— ماذا؟!

— سمعتِ السؤال... أين نذهب الليلة؟ ألم تقولي أننا في موعد؟

— كنت أمازح فقط! أنت حقًا تريد الخروج؟

— بالتأكيد. أود ذلك.

فكّرت قليلًا، ثم قالت: — لن أعتبره موعدًا. فقط عشاء.

— أوه، كسرتِ قلبي.

قلتها بمبالغة درامية.

— لا تقلق، ستتجاوز الأمر.

ضحكت، وخرجت من المكتب.

— كوني جاهزة عند الثامنة.