21

21 0 00

ابتسمت ريم و قالت :

 خلتك نائمة •• فقالت مشاعل :

 عيوني مغمضة صحيح لكنها رأت حالك ، أنت لست على ما يرام ، ما بك ؟ تنهدت ريم و استرخت على مقعدها بدورها و قالت :

 جاءني خاطبقالت مشاعل و كأنها تقرأ من كتاب :

 سهيل أليس كذلك ؟ هزت ريم رأسها إيجابا ، فشعرت بردها مشاعل و أكملت :

 و هل وافقت ؟ اعتدلت ريم على كرسيها و التفتت تماما إلى مشاعل و قالت بيقظة تامة :

 أبي و أمي يرفضونه و لكل منهما سبب يختلف عن الآخر ••

 و أنت ؟

 أنا ؟ أعتدلت مشاعل في جلستها و نظرت مباشرة في عيون ريم و قالت :

 موافقة ، أليس كذلك ؟ أخذت ريم نفسا عميقا و قالت و كأنها تعترف :

 لقد صعدنا السطح أمس سويا و قال لي إنه يحبني ••

 بدون علم أهلك ؟ هزت ريم رأسها خجلا فقالت مشاعل و هي تبتسم بمكر :

 ياله من جريء •• فقالت ريم بسرعة :

 لم أشعر أن في الأمر خطأ ، فأنا ظللت طيلة سنوات الجامعة أقابل شبان و أتحدث معهم و قد تجمعني الصدفة بأحدهم على انفراد ، في الحقيقة لم أجد ضيرا في سماع ما

يريد قوله ، تعرفين ، أبي و أمي لا يتركوننا وحدنا دقيقة واحدة •• أطرقت قليلا و قالت :

 كنت أعرف أن لديه ما يقوله ، كنت أدرك أنه لابد أن يعلن لي حبه ، و كنت أتساءل عن الكيفية ، و جاءت بهذه الطريقة •• رفعت رأسها و ابتسمت و قالت :

 شعرت أنني أقوم بمغامرة ، ظل قلبي يدق ، و كنت أصعد خلفه و كأنه يخطو بقدمه على قلبي فيعصره في كل خطوه •• سألت نفسي ماذا لو خرج أبي الآن ، أو أمي أو أي شخص

من الجيران ، و عندما اصبحنا على السطح بادرني بالاعتراف ، قال لي " ريم أنا أحبك " قالها مرتين يا مشاعل و أمسكني من كتفي •• كم كانت يده قـــوية و هو يهــزني

ليؤكد حبه •• كانت مشاعل تنظر إلى ريم و هي تحكي ، و تطالع نظرة الفرح في عينيها ، منظر جدير بالتأمل حقا ، لقد بدت ريم في جلستها المتأهبة و في حماسها الطفولي

و هي تقص الموقف و في نغمات صوتها المتراوحة بين القوة و الضعف و في ضمة يدها الحميمة ما جعل مشاعل تتفهم تماما رغبة ريم ، فقالت لها :

 أنت تريدين هذا الرجل يا ريم ، هذا أمر واضح ••

 إنه بطل يا مشاعل •••بطل أسطوري ، يشبه أبطال الملاحم ، جميل المحيا قوي البنيان ، صلب الإرادة ، يعرف تماما ما يريد •• و هو يحبني ، يحبني يا مشاعل هل تفهمين

؟ هزت مشاعل رأسها تفهما و قالت :

 و لكن أبويك ؟ تنهدت ريم و قالت بهدوء :

 لقد ترك لي أبي حرية الإختيار ، قال أنه أخبرني بكل الحقيقة و ترك لي الخيار •• فقالت مشاعل بسرعة :

 القضية محلولة إذن ، اقبلي الرجل ، و تحملي مسئولية قرارك ••

 هذا ما أتمنى ، لكنني أعلم يقينا أنه لن يرضي أبي و لن يســعد أمي ، لا تنسي أنا أول فرحتهما •• عادت مشاعل تسترخي في جلستها و تغمض عينيها و تقول همسا:

 أفهمك تماما •• *** خلال اليومين التاليين غلب الوجوم على جو المنزل ، كان تبادل الأحاديث بينهم مقتصرا على الكلمات التقليدية عن الأحوال و العمل و الطقس و

سهرة التلفاز لهذه الليلة ، إلا أن الحديث كان دوما يفتقد إلى شيء هام ، إلى الحرارة و الروح ، و كان تعمد الجميع عدم الخوض في موضوع سهيل يضفي المزيد من البرود

على العبارات المتبادلة ، كان كل من الأب و الأم يعلــــمان ما تعـــانيه ريم ، و الصـــراع الــذي وجـــدت نفسها فيه بين رغبتهما و رغبتها ، و أثناء غياب ريم

قال جهاد لزوجته :

 هل وصلت ريم لقرار ؟ فقالت الأم :

 كان ينبغي ألا تفكر عندما يتعلق الأمر بقبولنا أو رفضنا ، ريم أبدا لم تكن عاقة ••

 لا تقسي عليها يا أم قاسم ، ريم تفكر كما فكرت سميحة قبل خمس و عشرين عاما ، يوم تقدمت إليك شابا فقيرا وحيدا غريبا ، لا يوجد منطق واحد لقبولي و مع ذلك قبلت

، ريم تفكر بإحساس الأنثى فبل أن تفكر بمنطق الإبنة ، و هذا حقها ••

 لكنها لو تزوجته تكون كمن يلقي بنفسه في التهلكة ••

 ليس إلى هذا الحد يا أم ريم ، سهيل شاب ناجح في عمله ، ليس عجوزا و ليس عاطلا ، لم نر منه ما يسوء أبدا ، أنت قلقه لأنه فلسطيني ، و أنا قلق لأنه ابن مخيم

•• لكن لا أنا و لا أنت يمكننا أن نضع فيه هو شخصيا عيبا يمكننا أن نحاجج به ريم •• تنهدت الأم و همست :

 و مع ذلك آمل ألا تقبله •• ***

 غدا يأتي سهيل ، فبماذا نرد عليه يا ريم ؟ كانت ريم تهم بوضع اللقمة في فمها عندما باغتها الأب بهذا الســــؤال ، أزدردت اللــــقمة و قالت بارتباك :

 ما تريده يا أبي •• ابتسم الأب تفهما و قال بهدوء :

 أنت من ستتزوج و ليس أنا ••

 سهيل يا أبي ، شاب عصامي بنى نفسه بنفسه ، و تجربته في الحياة واسعة ، كما أنه قريبنا ، ولكن لو كان موضع شك فإنك بالطبع أخبر مني بهذا الأمر •• كانت الأم

تستمع صامتة للحوار ، و عند هذا الحد وضعت ملعقتها و قالت موجهة حديثها لريم:

 يبدو أنك تريدينه يا ابنتي •• تطلعت إليها ريم برجاء و قرأت الأم في عيونها استعطافا خفيا بألا تقف أمام رغبتها ، نكست رأسها و أدارت ملعقتها في الطبق ، و

عندما رفعت رأسها نحو زوجها ، كان بدوره ينظر إليها ، كانت الكلمة القادمة هي القرار النهائي و كان إعــلانها يعني التزاما و قابل الأب وجوم الأم بابتسامة هادئة

أخذت تتسع تدريجيا تقدم دعوة للأم لكي تبتسم بدورها ، فاضطرت الأم تلبية الدعوة و افتــر ثغرها عن ابتســــامة ، كانت ريم تراقبهمــا و تنتظر القرار بقلب متلهف

و عندما تطلع إليها أبيها كانت ابتسامته كبيرة و قال بمرح :

 على بركة الله يا ابنتي •• زغردت الفرحة في عيني ريم ، و قامت من فورها فقبلت يد أبيها و رأسه ، و ألقت نفسها في حضن الأم المفتوح و تلقت تهنئتها و دعواتها

، و تلقت تهنئة سمر و ركضت إلى غرفتها و عندما صاح الأب :

 و الطعام ؟ قالت :

شبعت •• تطلع جهاد إلى زوجته ، كانت الدموع تتجمع في عيونها ، قال لها و هو يبتسم :

 ادعي لها بالخير يا أم قاسم ، ريم طيبة و لن يكون نصيبها إلا طيبا مثلها ، و لعل سهيل هو خيرها الذي لا نعلم مداه •• *** مساء اليوم التالي ، جاء سهيل مبكرا

أكــــثر من المعتاد ، لم يكن الأب قد عـــاد من عمله ، و كذلك ريم ، كانت سميحة وحدها مع ســــمر ، فتحت له الــــباب و رحـــبت به بتــــحفظ و أخبرته أن زوجها

ليــس بالبيت ، فدخل سهيل و توجه نحو الصالون مباشرة و هو يقول :

 هو عمي ، و أنت زوجة عمي ، و لدي كل العذر في التبكير بالحضور اليوم •• دخلت الأم خلفه فبادرها بسرعة :

 لقد مر علي الأسبوع الفائت طويلا مملا ، مرهقا ، تعرفين يا خالتي ، أنا أنتظر الرد •• جلست الأم و أجلست سمر على ذراع كرسيها و تطلعت إلى سهيل و سألته فجأة:

 لماذا تريد الزواج من ريم يا سهيل ؟ فوجيء سهيل بالسؤال ، و لكنه تماسك بسرعة و قال مبتسما :

 و لماذا يريد الناس الزواج يا خالة ؟ ضبطت الأم أعصابها و قالت :

 أسألك عن سبب رغبتك في الإرتباط بابنتي و ليس عن الأسباب وراء زواج العالمين •• فقال سهيل و قد استشف من لهجتها أنه في اختبار عسير عليه أن ينجح فيه :

 ريم فتاة ممتازة ، و أي شخص يسعده كثيرا أن يرتبط بها •• فقالت الأم بسرعة :

 و لماذا لم تتزوج حتى الآن يا سهيل رغم أنك لست صغيرا ، أعتقد أنك تخطيت الثلاثين ، أليس كذلك ؟ فقال سهيل :

 كثير من الشباب وصلوا لهذا الســن و لم يتزوجـــــوا بعد ، تعرفـــــين ظروف الحــــياة ، و تعرفين النصيب •• و ركز عيونه عليها و أكمل :

 أنا أؤمن جدا بالنصيب يا خالتي ، ألا تؤمنين به بدورك ؟ نهضت الأم و قالت :

 ماذا تشرب ؟ فقال سهيل و هو يبتلع ريقه :

 كل ما تعدينه جميل يا خالتي •• صحبت الأم سمر و توجهت للمطبخ فصفر سهيل بشفتيه و همس :

 بداية غير مشجعة •• *** عندما عاد الأب ووجد سهيلا في المنزل ، ابتلع احتجاجا صغيرا و رحب به بحرارة و سأله إن كـان قد شــرب شيء ، و عندما سأله سهيل عن رأيه

في طلبه الزواج من ريم أجابه الأب :

 ريم هي ابنة عمري يا سهيل ، و لن أجد لها خيرا منك ، أنت شاب إبن حلال و أدعو الله أن يوفقكما ••نظر الأب إلى الأم يدعوها بعيونه أن تبادر بالتهنئة ، فقالت

و عيونها مترقرقة :

 مبارك عليك يا سهيل ، ريم فتاة ممتازة ، احفظها في عيونك •• نهض سهيل فعانق عمه و قبل رأس زوجة عمه و قال و هو يجلس و السعادة تنطق في عيونه :

 سوف لن تندموا على هذا القرار ، ريم في عيوني •• و عندما عادت ريم وجدت أن اتفاقا قد تم بين الأب و سهيل على ميعاد الخطوبة و مقدار المهر و وجدت في عيون سهيل

شوقا كثيرا و حديثا ، فانسلت بهدوء إلى حجرتها و لم تخرج إلا عندما خرج سهيل من المنزل ، جاءها أبيها و قبلها مهنئا و قال لها :

 الآن كلامي مختلف ، الزواج يا ابنتي شراكة عمر ، و عندما ترضى المرأة برجل زوجا فلابد أن تحفظه في عيونها و تتحمل تقلبات مزاجه ، و تخفي عيوبه ما وسعها ، لقد

كان سهيل سعيدا سعادة حقيقية لا أنكرها ، و أسأل الله أن يوفقكما •• و قالت الأم و هي تحتضنها :

 سهيل سيأخذ جوهرتي الثمينة ، تأكدي أنك ستظلين الجوهرة الثمينة دائما و لن يغير الزواج هذا الأمر ، لا تقبلي بأقل منه يا ابنة بطني •• و لم تنم ريم تلك الليلة

، و عند منتصف الليل استقبلت لأول مرة هاتف من سهيل هتف بحماس عندما سمع صوتها :

 مبارك يا ريم •• فقالت بخجل :

 مبارك عليك يا سهيلصمتا كلاهما و قطع سهيل الصمت و تنهد قائلا :

 أخيرا •• *** خلال ستة شهور قادمة بدأت ريم الإستعداد للزواج مع سهيل فبعد شهر تقريبا من قراءة الفاتحة تم عقد القران في المحكمة و أصبح من حق ريم الخروج مع

سهيل لإختـــيار منزلهم و منذ اللحظات الأولى تقرر للمنزل أن يكون في حدود متوسطة قدر الإستطاعة و لم تهتم ريم ، فهي قادرة على تحويل منزلها أيا كان مستواه

إلى قطعة من الجنة ، و أصبح من المعتاد أن تتغيب عن العمل يومين أو ثلاثة أسبوعيا من أجـــل إعـــداد المنزل و فرشه ، و في غضون ذلك لاحظت ريم أن سهيلا كان

غاية في التهذيب معها ، لم يفكر يوما أن يستغل وحدتهما خاصة في الشقة لكي يتصرف تصرفا متوقعا من زوج ، و علي النقيض من ذلك ، كان سهيل في الشقة منشغلا دائما

بأدق التفاصيل ، يرتب بأقصى قوة ما استطاع ، و تشارك مع ريم في شراء كل قطعة أثاث ، و كانت الأم تستقبل ريم كل يوم بسؤال واحد عن سلوك سهيل معها فتجيبها دوما

بأنه مثال الأخلاق •• و انتهت الشهور الست و في اليوم المحدد للزواج أعد الأب مع قاسم ابنه و بمساعدة رجال من الجيران سطح المنزل ليكون مقر احتفال النساء فيما

تبرع أحدهم بإعداد سطح عمارته المقابلة للرجال ، و ذهبت ريم مع أختها سمر إلى حيث تتزين و تتأهب لليلة العمر ، و بقيت الأم في المنزل تشرف على استقبال الحلويات

و المأكولات و الضيفات المبكرات ، عند التاسعة مساء كان كل شيء جاهزا لاستقبال العروس ، السطح مليء بالنساء المهنئات و أطفالهن ، و الصبايا يتناوبن الرقص على

إيقاع الموسيقى مختلفة النغمات ، و عنــد العاشــــرة أقبلت العــــروس فتعالت الزغاريد و بسملت الأم و حوقلت و استعاذت بالله من عيون الجميع ، فقد كانت ريم

جميلة جدا هذه الليلة ، اتخذت مكانها في صدر الجلسة و لم تفارق الإبتسامة وجهها ، و عند الحادية عشر جاء العريس بصحبة الأب من السطح المقابل و جلس بجوارها و

ألبسها الشبكة و بقي قليلا حتى انتهى قاسم من التقاط الصور ثم مضى إلى الرجال و دعي الجميع لتناول طعام العشاء •• عند الواحدة ليلا جاء العريس مجددا و لكن هذه

المرة ليصحب عروسه •• و انطلق العروسان وسط الزغاريد و الموسيقى الصادحة ، نزلا السلالم و ركبا السيارة المزينة التي انطلقت بهم إلى جولة في المدينة ، تم تصويرها

بالفيديو من قبل بعض أصدقاء سهيل ، و في حدود الثالثة فجرا اتجهت السيارة بالعروسين إلى منزلهما الجديد و لم يتركهما الناس إلا بعد أن اضطر سهيل لاغلاق الباب

في وجوههم و هو يصيح باسما :

 أتركوا العروسين يا متاعيس •• !! و على باب المنزل حمل سهيل عروسه ، و سار بها حتى منتصف صالة المنزل ثم أنزلها برفق و قال و هو يقبل جبينها :

 مبارك عليك يا عروسي الجميلة •• ابتسمت له ريم و قلبها يخفق بشدة و همست بارتباك :

 مبارك عليك يا زوجي العزيز •• تلفت سهيل حوله و حل ربطة عنقه و قال :

 هل نقوم بجولة في المنزل لنرى كيف رتبته أمك و أختك الترتيب الأخير ؟ هزت ريم رأسها موافقة ، فمد لها يده و سارا معا إلى الصالون أولا •• وقف سهيل على بابه

و هو مبتسم ، على أن ابتسامته انسحبت بسرعة و صاح :

 ما هذا ؟ اضطربت ريم و قالت بسرعة :

 ماذا هناك ؟ فقال :

 أنظري ، لقد غيروا مكان المقاعد ، لم أضعها هكذا عندما رتبتها بنفسي •• ابتسمت ريم و قالت :

 لقد أعادت أمي تنسيقها وفق ما وصفت لها ما أتمناه ••تركها في مكانها و قام بجولة سريعة على غرف البيت و أخذ يتمتم بنفس العبارات كلما دخل غرفة و في النهاية

وقف وسط الصالة و صاح بغضب :

 لقد قاموا بتغير كل شيء ، لم يتركوا غرفة دون عبث ••أنا لا أحب هذا ••قالت ريم واجمة :

 سهيل ، لقد بذلوا جهدا كبيرا ، و عندما عادت أمي أمس كانت في أشد حالات الإجهاد ، حتى أنني شعرت بوخز الضمير ، لا تنس ، أمي إمرأة كبيرة •• فقال سهيل بإصرار:

 طلبنا منهم التنظيف ، لا التنظيم ، تدخلهم هذا يضايقني •• كتمت ريم غيظا يثور داخلها و قالت بصوت حاولت أن يخرج هادئا :

 غدا نعيد تنظيم البيت كما تحب ••و لم تكمل حديثها و فوجئت به يصيح بسرعة :

 لا •• بل الآن •• قالت ريم و قلبها يدق بشدة :

 الآن ؟ فقال و هو ينزع الجاكت و يشمر أكمام قميصه الأبيض :

 نعم الآن ، مساعدة قليلة و يعود كل شيء إلى ما كان عليه •• هيا معي يا حبيبتي ••

 

 لكنني متعبة يا سهيل ، و جائعة ، الطعام الذي أعدته أمي سيبرد ، هلا أكلنا و بدلنا ثيابنا أولا ثم قمنا بما تريد ؟ هز سهيل رأسه رافضا عرضها و قال :

 كلي أنت ، سأقوم بالعمل وحدي ، أم تريدين أن يأتي الناس للتهنئة غدا فيروا البيت بهذا العبث ؟ قالت ريم بصوت متعب مقهور :

 نحن الآن غدا فعلا يا سهيل •• لم يسمعها سهيل ، توجه بسرعة إلى الصالون و أخذ يحرك المقاعد و يـــبدل أمــــاكنـــــها و عندما احتاج لمساعدة ناداها ، فجاءت

إليه تجر ثوبها الأبيض الجميل ، و بدون كلام ساعدته •• عند السابعة صباحا ، كان المنزل قد عاد إلى سابق عهده و اتخذت قطع الأثاث شكلها الذي يريده سهيل ، جلسا

منهكين على مقاعد الصالون كانت بعض التكسرات و البقع الخفيفة قد انتشرت على ثوب الزفاف الأبيض ، و كان شعر ريم مشعثا بعد أن اضطرت لخلع الطرحة عنوة أثناء العمل

•• تطلع سهيل حوله و قال بصوت فخور متعب :

 هكذا ينبغي أن يكون بيت سهيل •• أنتبه أخيرا إلى ثوبها فقال لائما :

 أنظري ، لقد فسد ثوب الزفاف ، كان ينبغي أن تبدليه قبل مساعدتي •• لم ترد ريم ، كان النعاس و التعب قد غلبها فنهضت متكاسلة و قالت :

 سأذهب للنوم ••فقال بسرعة :

 و الطعام ؟ فقالت و هي تشيح بيدها :

 لا حاجة لي به ، كل أنت •• اتجهت نحو غرفة النوم و أنفها يحكها تقاوم عبرة على ضياع ليلة العمر التي حلمت بها ، و تذكرت و هي تلقي بجسدها المنهك على السرير

ما قالته لها مشاعل عن طقوس ليلة العمر ، و ما قالته أخريات كن أكثر جرأة من الجيران •• همست لنفسها و هي تدخل فورا في ضبابات النوم :

 مبارك عليك يا عروسة !! *** في حدود الخامسة عصرا أفاقت ريممــــذعورة على يد تهزها ، فتحـــت عيــــونها بسرعة و حاولت تذكر ما حدث ، و عندما لمست يدها

ثوبها و سمعت حفيفه تذكرت على الفور ، نظرت إلى سهيل الذي يوقظها ، كان مرتديا بيجامة النوم الحمراء التي أشتروها سويا قبل الزفاف بيومين ، كان مشمرا عن ساقيه

، ابتسم لها عندما فتحت عيونها و قال :

 يبدو أنك تعشقين النوم ، لقد نمت قرابة عشر ساعات حتى الآن ، لم أشأ إزعاجك ، لكنني آمل ألا تكرريها ثانية ، لا أحب أن تنامي قبلي بعد اليوم •• استوت جالسة

على فراشها و همست :

 ألم تنم ؟ فقال و هو يضحك :

 لقد نمت بعد أن أكلت بساعة تقريبا ، و استيقظت منذ ساعة تقريبا ، لا أحب النوم أكثر من سبع ساعات يوميا ، ستعتادي على ذلك بدورك •• تمطت في فراشها و قالت و

هي تبتسم بمكر :

 لقد كانت ليلة أمس مرهقة جدا يا سهيل ، لا يكفي لتعويضها نوم يوم بأكمله و ليس عشر ساعات ••

 حسنا ، قومي بدلي ثيابك ، و حاولي إخفاء هذا الثوب فلقد أصــبح بحاجة إلى تنظيف و كي ، ارتدي شيئا أنيقا سيأتي المهنئون بعد قليل •• نهضت من فراشها بتثاقل

كبير و قالت و هي تتثاءب :

 أشعر بجوع عظيم