الوجه الواحد والعشرون

22 0 00

كنت مستعدا أن أمشي معها إلى آخر الدنيا. وأنستني رفقتها همي، وغمي، وحال جدتكم وعمتكم، لذلك لم أفكر في العودة إلى البيت، بل أخذتني "وعد" كما أنا، وقلت لنفسي ساخرا من الأحداث، ليلة قابلتها، وكذبت عليها رغما عني تلك الكذبة التي حسبتها صغيرة بسيطة إنما كنت أقرأ عليها ما سيكون عليه حالي، وتحققت النبوءة الكذبة، كنت برفقتها، كالحالم وأعادتني إلى لحظات ضعفي أمامها، ضعف كثيرا ما أحبه، وما أهواه وسرت بجانبها كظلها، وكانت الأصل. سعادة غامرة اجتاحتني لم أعش مثلها قط، حتى عندما كنت أقابلها في سلا، ألا ما ألذ اللقاء بعد طول فراق بين العشاق!

وأحسستني مالك عالمي. متوج أنا على عرش الحب، لا يهمني إلا مالكة عالمي، التي تجلس إلى جانبي بتلك الحافلة. ولم أفطن إلا وملكتي تنزلني من عالمي، الرحب الفسيح حين قالت:

- وصلنا، هذه "امتيوة".

لكن ما إن وطئت تلك الأرض حتى أحسستني أحلق من جديد إلى عالمي الأول، أو إلى آخر يشبهه كثيرا إلا أنه أوسع وأفسح، إحساس جديد آخر لم أعرفه من قبل. شعور بتآلف غريب تعجز الكلمات القاصرة أن تحيط بكل وجوهه، رابطة خفية ستتأكد معالمها فيما بعد.

تكثفت تلكم المشاعر وأنا أدخل في أعقاب "وعد" دارا، وجدنا هنالك "وجدا" جالسة متحفزة كأنها كانت تنتظر أحدا أو حدثا، وما أن رأتنا حتى هشت لنا، ودعتني بحفاوة إلى الدخول واقتادتاني إلى غرفة شبه مظلمة، ثم غابتا عني فترة عشتها ما بين خوف وترقب، وعادت إلي مخاوفي إذ طار عني مفعول سحر "وعد"، وبمجرد ظهور "وجد" أعاد ذلك في نفسي تلك الشكوك الأولى، حول علاقتهما ب"رافان".

ولأمر ما كنت أجهله، كنت متوجسا مرتقبا أن يدخل علي في أي وقت، وجعلت أتجرع خيبة الندم لوثوقي "بوعد"، التي تعاود خيانتي بحيلتها الأولى نفسها، وتعاود عزف أنغامها نفسها على وتري الحساس عينه، وهي العاشقة للغناء، والموسيقى. كانت كل هذه الهواجس تهاجمني، وتنهش لحمي، وأنا قابع منكمش على ذاتي في زاوية بتلك الغرفة التي شعرت أني لم أكن وحيدا بها، وحالت رمادية لونها حتى لا أقول سوادها دون التحقق من الأمر. أنفاس طيف، أو أطياف غير مرئية، تثوى بجانبي، كانت تصلني واضحة.

ودخلتا علي فجأة، وانتشلتاني من أفكاري الرمادية. ودخلت في أعقابهما كلبة يتبعها جروان. وانتبهت إلى أن "وعدا" كانت تحمل شيئا في يدها، فإذا هي أشرطة عديدة، مرقمة بينما كانت "وجد" تحمل مسجلا، ودون أن تقولا شيئا، أو تتركاني أسأل عن الشخص الذي طلب رؤيتي. أعملت "وجد" الشريط الأول في المسجل، وانطلق الصوت منسابا كجدول نقيع يروي الضمآن بعد طول عبور صحراء واسعة، ملأى بالسرابات اللامنتهية.

كنت مقبلا على تلك الأشرطة بنهم المحب لإعادة استكشاف معالم حياتنا، واكتشاف حياة من ترويها، وما غاب عني من حياتي، وصوتها وطريقة عرضها. وعند بلوغ حديثها إلى ما أسمته سفر الأرواح الذي يقرب في أشياء ويبعد في أخرى عما جاهدت لمعرفته وتعلمه طيلة سنوات دراستي بفرنسا، وأزاحتني بلا رغبة مسبقة إلى المدرج أنصت للمحاضر باهتمام بالغ وهو يعتبر الروح أو النفس إشراقة للبدن ينطفئ ضوؤه على ظاهر البدن وباطنه وينقطع عن المنطقتين، أما عند النوم فإنه يختفي عن ظاهر البدن دون باطنه، فالموت والنوم كائنان من جنس واحد، إلا أن الموت هو الإنقطاع الكلي التام، بينما النوم هو أفول جزئي ناقص، وتذكرت آية رددتها ساعتها في سري مستشهدا بالقرآن الكريم "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها".

لا يهمني إن تسترت خلف ما أسمته بروح الجبل، ولكني كنت في يقين من أنها كانت تعلم أني درست شيئا مثل ما قالت، ولعلها ركبت طائرها، وحضرت معي المدرج، وأنصتت إلى كل دروسي، فأرادت أن تخاطبني بشيء لي عنه سابق معرفة لتجرني إلى تعقب أحداثها، وتتبعها لحظت ذلك مجملا في أشياء عدة ذكرتها، فهي إن اعتمدت "الجرجاني" في التعريف و"أرسطو" في التقسيم فإنها ارتكزت على "الغزالي" في التصنيف و"قسطا بن لوقا" عندما اعتبرت الروح كجسر بين ضفتين وواسطة بين النفس والبدن، أو عندما قدرت ملمحة أن النفس تستطيع فراق البدن بينما لا تعيش الروح إلا في البدن، وخلصت بشرودي أنها أتت على "أفلاطون" أيضا عند استدلاله على خلود النفس مستعينا بفكرة التذكر، إذ يرى أن كلا منا يستطيع إذا تأمل ذاته أن يدرك في نفسه حقائق فطرية عن الخلود، وغيرها من البديهيات التي اكتسبتها النفس قبل حلولها في البدن، ما يدفع للتحقق من أن النفس كانت وتستطيع الحياة حتى لو فارقت الجسم.

ثم إني وجدتها ترحل بي إلى قلب الهندوسية القديمة، كفلسفة ومعتقد حين أشارت إلى تناسخ الأرواح إذ الحياة في نظرهم متصلة لا نهاية تحدها مادام الوجود، فصاحب الحياة يموت ليولد على هيئة أخرى أو حيوان آخر ليموت ويولد مرة أخرى، هكذا إلى أن يصل إلى "الموكشا" أي مرحلة الخلاص عند ترقيه في الإخلاص والطاعة الروحية.

لكم أتمنى أن أبلغ تلك الدرجة، فتزول كوابيسي المتعاقبة!

شيء آخر أربكني فعلا، هو وصولها إلى كل دقائق حياتي، وحياة من أعرف رغم عدم تواجدها معنا.

والأدهى من كل ذلك، شعوري عند كل حادثة، كانت تصفها وصف المطلعين على الخبايا النافذين إلى الأعماق، كل ذلك جعلني أشك في هذه الشرائط، ومن وراءها. خشيت حقا أن تكون الشرائط كذبة كبيرة، والصوت لدجالة محتالة وعازفة محترفة على أوتار الأنساب والعواطف، وتمكنت مني إذ أن صوتها كان ينفذ إلى قلبي دون حواجز. لاشك أن "وعدا" خادمة من خدامها، وتابعة من تابعيها، وهي التي نجحت في الإتيان بي هنا رغم كل ما كنت أحمله لها من النقمة، كتلك الصبيحة التي أعقبت ليلة لقائنا، وخرجت إلى الأوداية كالمسحور، كحالي يومذاك حتى إني نسيت أن أعلم خالتي بخروجي، وسلوت عن توديع جدتكم وعمتكم العليلتين.

وأعلنت نفسي حالة الطوارئ، إذ ارتفعت أصوات منبهاتها، والتزمت الحذر، ودفنت أحاسيسي وأقبرتها داخلي، ولم أدر إلا وصورة "رافان" المقرفة تطالعني. لاشك أنه كبير السحرة ومعلمهم، فهو من سحر عقولنا حتى أتى على كل أملاكنا دفعة واحدة، وجعلت هواجسي تتقاذفني إلى دروب الشك في الجميع، كنت مستعدا أن أشك حتى في أقرب الأقربين إلي، وشككت بنفسي أيضا، وخمنت مرة أخرى أن "رافان" مهندس كل ذلك، وإنما يفعل ذلك، إمعانا في إذلالي، والإنتقام مني، ودفعي إلى الجنون، أكثر أن يبقي على أحد منا بنصف عقل، ونصف تركيز وأراد أن ينسفنا جميعا ويدمرنا.

كنت قد أخذت كفايتي، وأنا أنهي الوجه الأول من الشريط العاشر، ولم أجد ضيرا في التسليم بأحاديث "الجدة الغريبة"، وعدت للسؤال مرة أخرى.

أيعقل أن تكون "وعد" ابنة عمي و"وجد" أختها؟

لاشك في أنها حكاية ملفقة من ألفها إلى ما وراء الوجه الأول من الشريط العاشر، يبغي صاحبها الوصول إلى غاية غير معلومة، ولكنها شر لي على كل حال. أكان لدي اختيار، في أن أعلن أمامهما، بأن كل ما قالته "الجدة" الغريبة افتراء وكذب؟

أشك في ذلك. وتأتيني الحقائق، لتثبت ما قالت، ثم تذهب بي المظنة إلى أنها عمدت إلى ذلك لغاية أكبر.

كيف وصلت إلى ذلك كله؟ بل كيف استطاعت أن تخطفني إرادتي؟ إذ وبينما كنت أعلن رفضي الداخلي، لم أكن أستطيع التصرف وفق ذلك. ولم يكن سفر الروح المزعوم الذي أسمع عنه لأول مرة رغم ما تعلمت يحتاج إلى طقس أو تحضير الكل يجري في باطنك وقرارك، ولا تحتاج معه إلا إلى الصفاء، والمسالمة الروحية. كنت ساعتها هازئا بالأمر، ساخرا منه مستصغره، رغم شدة التحذير وقوة النصح، لكن الذي حدث بعد ذلك لم يكن ليخطر على خاطر. فقد اقتادتني مودعة، دون علم مني، "وعد" يقيني الوحيد إلى محطة سفري المزعوم التي أتتني بغتة عند نهاية الوجه الأول من الشريط العاشر، وقد بلغت كفايتي من الجميع، ثم إنها تداعت أمام ناظري ولم أعد أبصر إلا أنفاسها تداعب خياشمي وموجة ظلماء طمستني إلى قعر موحل أغبر. منطقة لم أصلها قبلا، ولا وطئتها سلفا، وصدتني تيارات هواء ساخنة من كل جانب جهلت مصدرها ومنبعثها واستشعرت رجات داخلية قوية، أحسست أنها للقطار الذي انطلق مسيره، وكان ذلك بداية السفر، وأتاني بغتة، ولم أستطع أن أحدد كم استغرق كل ذلك من وقت وجهد ومسافات زمنية، ولكني وجدتني شبه واقف داخل حجرة رطبة، في إحدى زواياها، مشدود اليدين، موثقهما بسلسلة حديدية كبيرة، مثبتة إلى الجدار السميك، وكانت الحجرة مظلمة، لا أكاد أبصر من خلالها شيئا، إلا صوتا كان يسترسل في حديثه بلغة غير العربية بيد أني كنت أفهمه جيدا:

- ... على كل حال، أرجو ألا يكون خصمك "كولوس".

كان صوت محدثي، يهمس لي بالكلام، بيد أن عنايتي فرت منه إلى ما أنا عليه، إذ الأسئلة أخذت تتناسل داخلي، وتتزاحم برأسي بسرعة تسارع الأحداث المذهلة حولي.

ماذا كان يعني ذلك؟ وهل حقيقة كل ما كنت أعيشه، أم أني تحت تأثير ساحر مخدر، أنامني وأدخلني كابوسا فتاكا؟ لمن يكون هذا الصوت؟ من يكون "كولوس" ذاك؟ ما يقصد بكونه خصمي؟ لم تمهلني الأحداث فرصة اقتفاء أثر إجابات أسئلتي، أو بعضها، إذ سرعان ما سمعت صرير باب الزنزانة الحديدي عند فتحه، وأضواء المشاعل يحملها خمسة من الغلاظ الشداد، توحدت أزياؤهم القصيرة، توحد أجسادهم الهائلة، كجنود رومان.

أأكون داخل إحدى تلك الافلام التاريخية القديمة، وقد أجبرت على دخولها؟ أأكون حالما دون إرادتي؟ وتذكرت في غمرة ذلك، يوم وجدتني على طلع الأوداية حالما بعدما خرجت من رحم حلم آخر لمسرحية يونانية كنت بطلها و"وعد"، تداخلت الصور في رأسي، مع شدة الموقف، فالغلاظ الشداد لا يتكلمون، الأصوات الوحيدة التي كنت أسمعها عنهم، أحذيتهم الجلدية تضرب الأرض الصلبة بشدة، في خطوات واطئة منتظمة، وأنفاس ثقيلة هي أقرب للترهيب منها لشيء آخر ولقد أفلحوا حقيقة في ذلك، ولم يكن الأمر يحتاج منهم إلى كثير عناء.

 

اقتادوني عبر دهليز ضيق، اخترقنا به مجموعة من البوابات الحديدية، يقف عند كل واحدة منها حارس، ما أن يلمحنا حتى يصدر عن مرتاج بوابته صوت يقشعر له بدني المنهك، فما أن نتجاوزه حتى يعيد الحركة من خلفنا بالقوة الأولى نفسها، فتفعل في نفسي فعل الأولى نفسه أو أكثر.

وإذا بالجند يتركونني، وقد اجتزت آخر باب كان نهاية النفق المظلم، إلى ساحة كبرى، جاهدت كثيرا لأبصرما بها، إذ تلقفني ضوء غامر كاد يعميني، وجعلت أتطلع إليها فإذا هي ساحة رملية دائرية، كتلك التي تخصص لمصارعة الثيران، لا مخرج منها إلا الباب الذي تقيأني إليها، وآخر يقابلني مباشرة. انتبهت لأول مرة أني لم أكن وحيدا هنالك، إذ عادني الصفير والهتاف من كل جانب وتلك الأسوار التي تطوقني ترجع صداها قويا في نفسي. تسلقت نظراتي، تتبع أصل تلك الأصوات فإذا هي للمتفرجين الذين وقفوا، وأطلت رؤوسهم الصغيرة من كل جوانب الساحة العظيمة. قاومت ذهولي، وأنا أتفرس في تلك الأفواه البعيدة، وسيل صراخها يكاد يجرفني، أكنت من المصارعين حقا؟ أكنت فعلا في ساحة الكوليزي الشهيرة حيث جلس القيصر في ردائه الأبيض ووجهه الحليق المدور وتاجه المرصع يعلو رأسه؟

وجعلت أكتشف جسدي، فإذا هو جسد مصارع حقا، إذ كنت أحمل ذراعين مفتولين، وصدرا كامل الإمتلاء، وبطنا بادي الطبقات، وفخذين ظاهري الصلابة، لكني رغم كل ذلك لم أكن مصارعا.

لقد حلت بي روحي، بجسم غريب لا يناسبني، ولا يروق طبيعتها، فأنا مسالم بطبعي، متبرم من المشادات وإن كنت غضوبا لجوجا، وما هذه القوة إلا ظاهرية فقط إذ كان الجبن والخوف، يقتتلان ارتعادا بداخلي، ولا ينتصر أحدهما أو كلاهما وسط هذه الأمواج الصاخبة المتلاطمة بداخلي. زارني صوت السجين ورجاؤه ألا يكون "كولوس" خصمي، فكرت وخمنت وأنا أثبت نظري على البوابة المقابلة، بأن "كولوس" هذا قد يكون اسم لسبع جائع أو نمر مجروح، أو ثور مشهور، أو هو اسم حيوان مفترس لا أعرفه، أو قد أكون أعرفه باسم آخر غير اسم عصرهم، وزمنهم، أو...

لم تعد لي نهزة لمزيد من الإفتراض والبوابة تشرع في وجهي والهتاف يعلو ويزداد. لم يكن "كولوس" كما ذكرت أو خمنت، بل كان كلها مجتمعة، إذ كان كتلة بشرية متحركة. لم يمنحني وقتا للتدقيق به أكثر حتى أستطيع وصفه، إلا عينيه اللتين كانتا تقدحان شررا مرعبا إذ اتجه نحوي بسرعة وخفة لا تتفقان وما يحمل من وزن، وأحسست الأرض تدك بي دكا مرعبا، لم أستطع معها التحرك والمقاومة، إذ الأحداث تلهث من حولي بسرعة عجيبة، ولو استطعت الحركة إذن لفررت لائذا منه، لكن ذلك كان أبعد عن قدرتي. لم أذكر شيئا بعد ذلك إذ رحب فكي المهشم بقبضته السميكة. تخاذلت أو تخاذل جسد من علقت به روحي، وسقطنا أرضا، وغشاوة دكناء تحجب الرؤية والوعي عني، امتدت لتصل مسامعي إذ أخذ صدى هتاف المتفرجين يتلاشى وكثافة الظلمة تزداد وتطغى. أخذت أوصوص من حولي فإذا أنا بمجلسي في بيت "الجدة" الغريبة والإنهاك رفيقي ومؤنس ظلمتي، فصرخت بحنق:

- الدجالة، الماكرة.

ذرعت الحجرة الملبوسة الممسوسة والغضب متلبس بي كشيطان مارد يهمس لي وينفخ في أذني بأني كنت ضحية لمقلب أريد به الزج بي إلى أغوار الجنون السحيقة، وأن "رافان" سبب تعاستي مايزال يتعقبني، و"وجد" و"وعد" يداه لضربي، وصوت تلك المرأة طلسم، مسلط.

وقفنا في باحة الدار الطينية المبنى، وأنا أرتجف. وألفيتهما تنظران إلي بترقب كبير والقلق باد على محياهما وخلت أنهما كانتا تودان الإطمئنان على نجاح مهمتهما على أتم وجه.

بادرتني "وعد" كأنها تجس نبضي أو هكذا أحسست.

- ماذا حدث معك، يا "قاسم" ؟

رغم عاطفتي الصادقة نحوها، فإني لم أستطع لجم غضبي وكظم غيظي وحنقي وتميزي.

- أنتم محتالون. كلكم محتالون. وإنما أتيتم بي إلى هنا للتخلص مني...

قاطعتني "وجد":

- ولكن يا ابن عمي، لا يمكن قول ذلك، لقد نفذنا وصية جدتنا وحسب، ولن نستطيع فهم ما تقوله مالم تخبرنا بما حدث معك، سمعنا صرختك المدوية قبل أن تخرج غاضبا تتهدد وتتوعد.

أجبتها، وأنا أحدجها بسهام جارحة:

- أين يختفي شريككما "رافان"؟

صرخت "وعد" غاضبة محتجة:

- أنت دوما كذلك، تتهم الناس بالباطل دون أن تتأكد. احكي لنا ما جرى معك أولا...

صمتت فجأة كأن يدا أقفلت فمها ومنعتها من مواصلة كلامها، ثم دنت مني متفرسة وهي تقول:

- من أين أتتك آثار هذي الدماء؟

يتبع